(وقت القراءة: 2 - 4 دقائق)

 

هل توصل المرء إلى تعريف دقيق للفساد ولمُسبباته؟ وما هو الأسلوب الأفضل لمعالجة الفساد بجميع أشكاله؟

للفساد أوجهه المتعددة؛ فهناك الفساد السياسيّ الذي قد يتفشّى في الأجهزة الحكومية، وهناك الفساد الإداري الذي قد يتفشّى في المؤسسات والإدارات العامة، لكن مما لاشكّ فيه، أن أسوأ أشكال الفساد هو الفساد الأخلاقي!

قد يكون بالإمكان إصلاح الفساد الذي تفشّى في الأجهزة الحكومية؛ بأن يتم إجراء التعديلات في الأنظمة والدساتير, وقد يكون بالإمكان إصلاح الفساد في الإدارات العامة؛ بإجراء التغيرات، وبمساءلة وبمعاقبة وبإبعاد عناصر الفساد, لكن ليس من السهل جدًّا إصلاح الفساد الأخلاقي, رغم أنه الفساد الأخطر الذي من شأنه أن يُقوّض المجتمعات، وهو الفساد الذي يُصيب النفوس والذي يتغلغل فيها أشبه بمرض عُضال قد يصعب على أمهر الأطباء معالجته والقضاء عليه،
كيف ومن أين يبدأ الفساد الأخلاقي؟

 

يبدأ مثل هذا الفساد عادة عندما يُقدم الشخص على ارتكاب كل ما يُخالف الفضائل والمبادئ الدينية، والتقاليد والأخلاقيات وحتى القوانين، مُعلّلاً جميع تصرفاته بعبارة "من الذي يهتم؟ المجتمع بكامله فاسد من حولي ..." وبأن يكون شعاره في التعامل  "الغاية تُبرر الوسيلة" وبأن يؤمن بأن "البقاء للأقوى وليس البقاء للأصلح"

ولن يكون من السهل على المرء عندما يتعثر ويخطو الخطوة الأولى نحو بؤرة الفساد, التي هي أشبه بهاوية شديدة الانحدار, أن يتراجع وأن يوقف انحداره السريع نحو عمق تلك الهاوية!

صحيح أن المرء حينذاك يعيش نتيجة خياراته ويدفع ثمنها, لكنه بذلك سوف يُسيء إلى المجتمع وليس فقط إلى نفسه.

وقد أثبتت التجارب الإنسانية على مرّ العصور بأن معالجة هذه المشكلة الاجتماعية تحتاج إلى تضافر جهود الفرد مع من حوله من باقي أفراد المجتمع، لأن الفرد لا يعيش منعزلاً, وبأن صلاح النفوس لا يمكن أن يتم إلا بدافع الإيمان الذي هو السبيل إلى تغلب المرء على نزواته وعلى دوافعه نحو الفساد, وبأنه طوق النجاة والوسيلة التي تساعده على السير في طريق الصلاح والهداية، والتي تقوده  أيضًا إلى السكينة وإلى راحة الضمير.

ولا بدّ أن نُشير هنا بأن علينا لو أردنا معالجة هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة التي بدأت تتفاقم بحيث أصبحت عبئًا على مجتمعنا المعاصر؛ أن نبحث عن الدوافع وعن المُسببات التي قد تدفع المرء إلى الفساد الأخلاقي،

هناك العديد من الأسباب التي قد تدفع الشخص إلى الفساد منها:

- الجهل والغَفلة

- الفقر والفاقة

- الظلم وعدم العدالة الاجتماعية

وعلينا أن نعمل على إزالة مثل هذه المُسببات من مجتمعاتنا, وهو الأمر الذي يجب أن يبدأ منذ المرحلة الأولى في حياة المرء, تلك المرحلة التي تتكوّن فيها شخصيته,  بحيث يَعمد الأهل إلى غرس المبادئ الأخلاقية في أولادهم منذ نعومة أظفارهم، وعلى أن يكونوا أيضًا مَثَلُهم الأعلى في ذلك، ثم يلي ذلك مرحلة التوجيه في المراحل التعليمية, التي يجب أن يكون دورها مُكمّلاً لدور التوجيه الذي يتم في المحيط العائلي، ويجب ألا تقتصر مهمة المؤسسات التعليمية على التدريس وإنما على نشر الوعي والثقافة الاجتماعية لدى الطلاب؛ بغية تأهيلهم إلى دخول المجتمع وهم يتمتعون بالإرادة، وبإمكانية التغلب على كل ما قد يتعرضون إليه من مُغريات, وبالمقدرة على تجاوز كل ما قد يعترضهم من عقبات،

ومن ناحية أخرى لا بدّ لنا من السعي لتقديم العون لمن قد تجعلهم الفاقة ينحرفون عن الطريق السويّ, وأن نعمل جاهدين على منع الظلم وعلى إزالة كل مُسببات عدم العدالة الاجتماعية، واستغلال الإنسان للإنسان، أليس هذا ما تأمرنا به جميع الأديان ؟!

قد نكون بذلك قد عملنا على إصلاح الفساد الأخلاقي, وهو الفساد الذي يؤدي إلى مختلف أشكال الفساد الأخرى, وقد نكون أيضًا قد تمكنّا من التوصل إلى مجتمع فاضل, وكل منا يعلم جيّدًا بأن صلاح المجتمعات لا يكون إلا بصلاح أفرادها.

||نبذة عن المؤلف||

أمل الرفاعي

البيانات الشخصية: الاسم - أمل عمر بسيم الرفاعيالجنسية - عربية - سوريةالمؤهلات العلمية:- إجازة في الحقوق – جامعة حلب- دبلوم في الإدارة - المعهد الدولي للإدارة – باريس - فرنسااللغات الأجنبية - Foreign languages اللغتين الفرنسية والانكليزية الأعمال التي كلفت بها – Employments1-مديرة لمكتب رئيس جامعة حلب2- أمينة السرّ ومسؤولة تنظيم المؤتمرات الدولية والمحلية التي انعقدت في جامعة حلب بالتعاون...