إن المبادرة الأخيرة التي قدمتها جامعة الدول العربية لحل أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان الشقيق، وكلفت السيد (عمرو موسى) أمين عام الجامعة بتسويقها ومتابعة تطبيقها، تعتبر خطوة متقدمة للدبلوماسية العربية وقرار جريء منها لم نسمع بمثله منذ سنوات.
ومن مزايا المبادرة العربية كونها (واقعية) لم تستغرق في الأحلام أو تغرق ببحور الخيال، فقد تعرفت على عناصر المشكلة اللبنانية الداخلية والخارجية، وحاولت التعامل معها كلها في حدود المتاح أمامها من مساحات.
وكذلك يسجل لصالح المبادرة أنها (عربية) حيث أنها لم تجعل الحل لبنانيًا محليًا فحسب، لانخفاض مستوى ثقة الأطراف اللبنانية المختلفة ببعضها، ولكنها في الوقت ذات احترمت سيادة الدولة الشقيقة واستقلاله، فلم تجعل لدول عربية أو أجنبية بعينها حق التدخل بحاضره أو التأثير على مستقبله.
كما أن المبادرة العربية امتازت بصفتها (المتوازنة) حيث حققت لكل طرف لبناني مكاسب كان يطمح بها، وقدمت بالمقابل للطرف الآخر ضمانات يطمئن بها، فصيغة (فائز وخاسر) لم تعد مقبولة بل (فائز وفائز) هي الصالحة للاتفاقات الدائمة والبناءة إن شاء الله.
يجب أن يؤمن العربي بأن حكوماته ما زالت تملك بعض أوراق اللعب في الساحة الإقليمية، وها هو المفكر الإسلامي العظيم (أبو الحسن الندوي) يقول: ((إن العالم العربي له أهمية عظيمة في خريطة العالم السياسية، وذلك لأنه وطن أمم لعبت أكبر دور في التاريخ الإنساني، ولأنه يحتضن منابع الثروة والقوة الكبرى، الذهب الأسود الذي هو دم الجسم الصناعي والحربي اليوم، ولأنه صلة بين أوربا وأمريكا، وبين الشرق الأقصى، ولأنه قلب العالم الإسلامي النابض، يتجه إليه روحيًا ودينيًا ويدين بحبه وولائه)).
ولكن هذا مرهون بتوافر أركان بالحكومات العربية، وإخلاصها في (الولاء) لأمتها وتفكيرها بمصالحها لا بمصالح دول الاستعمار الحديث هو أول هذه الأركان.
و(التكتل) هو الركن الثاني فلا مكان للدول القطرية الصغيرة في عالم الولايات المتحدة الأمريكية واتحاد الدول الأوربية والصين التي تمثل خمس العالم لوحدها بأقاليمها المجتمعة!
كما أنني أستطيع أن أحدد ركنًا ثالثًا لا يقل أهمية، حتى تتمكن حكوماتنا العربية من الخروج من المآزق وتحقيق شيءٍ من النهضة، وهو امتلاك (القوة) ولا أعني بها الأمور المادية فقط، بل إن تصالح الأنظمة مع شعوبها هي أهم عناصر قوتها، وضمان العدالة الاجتماعية وتحقيق الوحدة الوطنية من عناصرها أيضًا.
ختامًا: نتمنى أن لا تكون المبادرة العربية للبنان سحابة صيف سرعان ما تنقشع، وإننا في حاجة لمبادرة جدية أخرى تنتشل القضية الفلسطينية من أيدي العملاء التي يتفاوضون في النهار، ويتلقون الأوامر من الطرف الثاني – الصهيوني – في الليل! والولاء والتكتل والقوة هم أركان الدول القادرة على تقديم مبادرات، والتوفيق من الله القدير أولاً وأخيرا.
التعليقات
www.alraimedia.com/Templates/frNewsPaperArticleDetail.aspx?npaId=19776
أما بشأن المبادرة العربية فيما يخص أزمة لبنان و الحكم , فيجب علينا أن نقر باننا بحاجة لمثل هذه المبادرات , لا سيما في الوقت الذي تتربص به أمريكا و الدول الأوربية من أجل التدخل في أي قضية ( عربية أو إسلامية) , و كفانا تدخلات أجنبية !
أخيراً , و على ذكر القضية الفلسطينية , رغم مساوئ مؤتمر أنابوليس المشؤوم , إلا أنني مازلت أتأمل بأن يكون هذا المؤتمر دافعاً لشعوبنا للتحرك من أجل دعم القضية على كافة الأصعدة , و أتأمل أكثر بأن تعمل الحكومات كما ينبغي لها أن تعمل !
و شكراً جزيلاً لكم ..
مشكلة لبنان الشقيق مشكلة معقدة على أصعدة مختلفة رأسيا فهناك "اجندات مختلفة" كل يؤدي دورها لفرض سيطرته سواء إقليميا أو دوليا، والخاسر النهائي -إذا لم يحل الأمر- هم اللبنانيون ومن ورائهم العرب.
وختاما: (الوطني العربي) أمازال أحد يذكرها؟ لا ننكر حب الأوطان القطرية -كل في بلده- بيد أن الأمر يحتاج أت (نلم الشمل) من جديد وعسى تكون المبادرة فاتحة خير للعرب
أتذكر من بين اقتراحات المستشار السنهوري تكوين أحزاب داعمة للوحدة في الأقطار المسلمة المختلفة، فدعونا نتلفت ونلفت من حولنا، بحثًا عن أحزاب تدعو لها بقوة ومصداقية وإتقان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
على كل هذا يعيدني لتعليقاتكم زائد المقال!
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة