لُغويات كورونية
- التفاصيل
- مقالات
- مقالات اجتماعية
- في: الثلاثاء، 02 حزيران/يونيو 2020 13:57
- حياة الياقوت
- القراءات: 1796
(1) تكمّموا، لا تتمسّكوا!
أعجب من ممن يتمسّكون بكلمة "مَاسْك" في حديثهم اليومي. كيف فاتتهم دقة العربية التي تفرّق بين القِنَاع والكِمَام؟ في حين تستخدم الإنكليزية Mask للدلالة على القناع (وهو ما يغطي الوجه كله) والكِمام (وهنو ما يغطي الأنف والفم).
أمّا الكِمام، فقد جاء عنه في لسان العرب: "الكِمَام، بالكسر، والكِمَامة: شيء يُسدُّ به فم البعير والفرس لئلا يَعَضّ." ثم تغيّرت دلالته وصار يستخدم للكِمَام الطبي المعروف. ولاحظوا أن الميم غير مشدّدة، فلا يصح أن نقول كمّام أو كمّامة.
وفي الزمان الغابر، كان العرب يتّقون الغبار بالتلثّم. وهذه كلمة جميلة، ونستخدمها في لهجتنا الكويتية فنقول مثلا: "فلان متلثّم بغترته". جاء في اللسان: "اللِّثامُ: ردُّ المرأة قِناعَها على أنفها، وردُّ الرجل عمامته على أنفه". مهلا، هل قرأتم "قناع المرأة"؟ نعم، فالقِناع والمِقْنَعة عند العرب قديما هو "ما تتقنَّع به المرأة من ثوب تغطّي رأسها ومحاسنها" كما يقول المعجم. إذًا، كان القناع يُستخدم لما يُغطّى به الرأس تحديدا لا الوجه، وفي هذا شواهد عديدة، ليس هذا مجالها. ثم تغيّرت دلالة الكلمة (ورصد التغيرات الدلالية مبحث لطيف)، وصارت تدل على ما يُغطّى به الوجه -لا الرأس- لغرض الحماية (كأقنعة الحماية من الغازات أو أقنعة الأكسجين)، أو اللهو (كأقنعة الحفلات والأطفال)، أو أقنعة التمثيل، أو حتى أقنعة اللصوص!