وزاد هذا «الكاتب» المذكور في إحدى الصحف الكويتية من فداحة خطيئته بتماديه بالسخرية ممن حلت بهم المصائب والمحن، كسخريته من المناضلين حالياً في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر عربياً وصهيونياً، وقبلها قد أمعن في سخريته من المقاومة التي دافعت عن جنوب لبنان.
وقد شخصت الكاتبة إيمان البداح في جريدة «الجريدة» حال التبلد والتعالي على جراحات الآخرين، التي يعاني منها هذا «الكاتب» وغيره، في مقال موضوعي وشجاع عنوانه «اللهم لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منا»، فندت فيه جانباً من الأعذار الباطلة التي يتشدق فيها أمثال هذا «الكاتب» الذي لم يجد رداً عليها سوى سخرية هابطة اعتاد القراء عليها منه!
وهذا «الكاتب» في استمراره بكتابة المقالات المستهزئة بالآخرين يرتكب مجموعة من المظالم التي حرمها الله عز وجل حين قال في حديثه القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا»، رواه البخاري.
ومن مظالم هذا «الكاتب» ما يلي:
المظلمة الأولى ظلمه لوطنه، فالكويت دولة مسلمة، حسبما نص دستورها ودين أمرائها وشعبها منذ تأسيسها، وهي جزء من الأمتين العربية والإسلامية، وكتاباته الشاذة عن الرأي العام العربي والإسلامي، تشوه صورة الوطن الكويتي في عيون المتابعين، وتعزز تهم العمالة للغرب والتطبيع مع الصهاينة التي يحاول البعض إلصاقها زوراً بشعبنا ووطننا.
أما تعلل هذا «الكاتب» بالرأي العام المحلي فهو تعليل ساقط، لأن رأي الكويتيين يتبين من خلال مواقف ممثليه المنتخبين، وغالبية أعضاء مجلس الأمة والنقابات العمالية والطلابية والمهنية قد أعربوا مراراً عن تضامنهم مع خيار المقاومة ورفض الاحتلال والاستسلام للعدو.
المظلمة الثانية ظلمه للآخرين. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تناول هذا «الكاتب» بالانتقاص والاستهزاء شهيداً فقدناه أخيراً من علماء ومجاهدي قطاع غزة، وهو الدكتور نزار ريان الذي له مواقف ميدانية وسياسية كثيرة في خدمة شعبه والأمة، ويعتبر من أعيان القطاع المحبوبين، وله مؤلفات علمية نافعة عدة.
وسخرية هذا «الكاتب» منه تناولت جانباً شخصياً، لأنه سخر من كون الشهيد، الذي لم ينتهِ مجلس عزائه بعد، متزوجاً من أربع نساء، ولا أدري ما دخل القراء بمعلومة أسرية وحال اجتماعية من هذا النوع، خصوصاً وعندما نعلم أنهن قد استشهدن جميعاً معه بجانب أطفاله، وأن تعدد زوجاته هذا لم يقلل من جهاده العسكري والتوعوي والعلمي، فهو بروفيسور جامعي من جانب، ومن قادة كتائب «عز الدين القسّام» من جانبٍ آخر، وقائد سياسي واجتماعي في محيطه من جانبٍ ثالث، كما أنه لم يقل قائل إن رجال الإسلام الأوائل الذين هم قدوة لنا أدى تعدد زوجاتهم إلى تقصير في واجباتهم العامة.
كما أضيف أن أمام قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خيارين، إما الأخذ بالرخصة في التخفي عن عيون الصهاينة وبذل الجهد في المحافظة على أرواحهم لحفظ معنويات الشعب المحاصر، وإما الأخذ بالعزيمة بالتواجد بين المواطنين وتثبيتهم عبر القول والفعل معاً، مع العلم مسبقاً بأنه خيار قد يعجل الشهادة في سبيل الله تعالى.
وقد أخذ الدكتور ريان والعديد من رفاقه بالعزيمة، ولا نستطيع أن نلومهم عليها إخفاءً لخجلنا من تقصيرنا، خصوصاً أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد أخبرنا بإعجاب الله عز وجل بمن يدخل في صفوف الأعداء مقاتلاً «حاسراً» بلا دروعٍ تحميه.
المظلمة الثالثة ظلمه لنفسه: يقول الله في القرآن الكريم: «إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون»، وهذا «الكاتب» يمارس هذه الخطيئة فهو يحمل نفسه آثاماً جارية في الوقت الذي يتسابق فيه الكويتيون وغيرهم على الصدقات الجارية، فيظلم نفسه بكلماتٍ قد يضحك منها ويعجب بها بعض السفهاء هنا وهناك، ويتلقاها موقع وزارة الخارجية الصهيونية بالترحاب والترويج.
والرسول (صلى الله عليه وسلم) قد حذرنا من فعله فقال: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه». وفي هذا تنبيه للغافل عن مسؤولية الإنسان عن أقواله، كما سيحاسب عن أفعاله، وفقنا الله - وهذا «الكاتب» - إلى الصالح من القول والفعل والنية.
في الختام، فإنني في هذا المقال قد بينت جانباً من المغالطات التي أوردها ذلك «الكاتب»، وجانباً من المظالم التي يقترفها بحق وطنه ونفسه والآخرين، فيجب ألا يغريه سكوت الناس عن أخطائه المتكررة، فهي في غالبها قد تندرج تحت باب التحذير النبوي الشريف القائل: «إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره». ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله أكبر ولله الحمد.
التعليقات
نعم أخي أسامة، الكلمة أمانة عظيمة، قد ترفع العبد درجات عند الله، وقد تخسف به الأرض.
كتبت منذ مدة تعليقاً في موقع "سويس إنفو" حول محاولة برلمانية لمنع المآذن في سويسرا، فإذا بي أرى كلمتي منشورة على الانترنت بعد عدة أشهر ضمن بحث حول هذه المسألة.
فإذا كنا محاسبين على ما نقول في غوغل، فكيف يكون حالنا بين يدي من لا يخفى عليه من أمرنا شيء، سبحانه وتعالى.
مقالتك رائعة، وتمسح عن وجه الصحافة المحلية غباراً قد يظهر بين الحين والآخر. مجهود رائع وشكور.
فلا تكتب بكفك غير شيء *** يسرك في القيامة أن تراه
ما علينا الا أن نستشير الضمير ونسمع صوت (الفؤاد) قبل أن نخط بأي كلمة
وشكرا لمقالكم الجميل
بارك الله فيك، وأحمد الله تعالى على أنه لا يزال في هذه الأمة من يقدر قيمة الكتابة ويفرق بين الصالح والطالح منها.فالكتابة أمانة وكلمة محســوبة على قائلها ومسجلة في صحائف أعماله
يوم العرض على الله، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد".
وقوله تعالى:"وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا"، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم(من دعا إلى هدى ؛ كان له من الأجر مثل
أجور من تبعه ؛ لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة ؛ كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ؛ لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً).
نســأل الله أن يجعل ما نخط من كتابة
حجة لنا وليست علينا وتكون في طاعته ورضاه
ما ضر السحاب نبح الكلاب...
وإنك لن تجني من الشوك عنبا.
هو مسكين لا يرى أكثر من أرنبة أنفه، فلعله للحق يعود ونسأل له الهداية والرحمة فقد يكون الإنسان حي ولكن ميت منذ زمن طوييييل!!
شكرا اخي الكريم اسامة على هذه الكلمات التي نصرت بها
الدين والوطن والملة.
وأما ذلك الكاتب فهو وامثاله موجودون في كل زمان
ومكان .هم قوم ارتضوا لانفسهم ان يجلسوا في بروجهم
العالية يرقبون ما حولهم منها ولا يبرحونها ابداو
يتصورون انهم ملكوا مفاتيح الحقائق التي لاتعدوهم
فيما غيرهم يعيش- كما يتصورون- في ترهات الوهم والخيال
والضياع.
قوم ملكهم كبرفارغ وغرور كذاب تصلدت عقولهم وقست قلوبهم
فلم تعد تعبا بالم جريح او أنات ثكلى او دمعات يتيم
ولم تعدتلك التي النزعات الجماعية التي تحرك الملة
نحو قضاياها تعنيهم بشيء لانهم انفردو عن الملة فكرا
ومظهرا.وربما ينطبق عليهم المثل القائل: خالف تعرف ؟
وربما هم من عناهم المتنبي بقوله
لا خيل عندك تهديهاولا مال..فليسعدالقول إن لم يسعد الحال
منشور في صحيفة الراي اليومية كذلك
مروركم وإضافاتكم في غاية القيمة وإضافة نوعية،
شكرًا لمروركم وحرصكم.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة