إلا أن البعض لم ينتظر جفاف المداد الذي صيغ به النص السابق ليجاهر بمخالفته له بشكلٍ أو بآخر، ومن أبرز صور تلك المخالفات ما يلي:
ولست أفهم حقيقة هل هؤلاء المفسرين الجهابذة يجيدون قراءة اللغة العربية وفهم معانيها أم أنهم من الناطقين بلغات أخرى لا تمت للغتنا الفصحى بصلة؟ لأن القواعد الشرعية المعتمدة تعني بوضوح لزوم اتباع ما تستوجبه الشريعة الإسلامية من أوامر وما تقرره من أحكام، ولو ظن البعض أنها غير ملائمة للعصر بزعمهم أو مسايرة للأمركة بخوفهم.
أما ماهية تلك الضوابط الشرعية فمناط بالعلماء الأجلاء تبيانها، وعلى مجلس الوزراء الكويتي عدم التردد في إحالة فتوى لقطاع الإفتاء في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لبيانها، فهي مختصة قانونيًا في (الإفتاء فيما يطلب من الوزارة من استفسارات دينية وفقهية) بموجب المرسوم الأميري الصادر بشأنها في 7/1/1979.
فإذا جاءت – بعد ذلك – تلك الضوابط منسجمة مع العادات والتقاليد فأهلاً وسهلاً، وإن جاءت بإضافات على تلك السلوكيات الاجتماعية فإن النص القانوني واضح بضرورة الانحياز لضوابط الشريعة الإسلامية على حساب أي معيار آخر.
وهذا جهل محض أو تجاهل متعمد لحقيقة كون دولة الكويت مسلمة والإسلام هو دينها الرسمي، بل إن الشريعة الإسلامية هي مصدر تشريعها الرئيسي، وكل هذا مسطر في دستور الكويت منذ إصداره في 11/11/1962.
أما الحريات العامة والمساواة القانونية واحترام الأديان الأخرى المنصوص عليها في جوانب أخرى من ذات الدستور، فلا يوجد تعارض بينها وبين المادة الثانية المشار إليها آنفًا، لكون الإسلام الحنيف يتضمن تلك القواعد الإنسانية العامة وأتى ليحث عليها.
وها هو الصحابي الجليل من أعراب الجزيرة يخرج بوجه كسرى الفرس ليقول: (أتيناكم لنخرج الناس من جور الأديان إلى سماحة الإسلام)، ولكن مشكلتنا تكمن في مترجمي الثقافة الغربية من أبناء جلدتنا وديننا، الذين يحاولون جبرًا وقسرًا نقل كل حيثيات صراع الدين والدولة في أوربا إلى العالم الإسلامي، بينما ديننا الحنيف بحكم كونه الخالد والخاتم للرسالات السماوية جاء محفوظًا من تحريف البشر ومنزهًا عن قصور الأحكام.
وإن كنت حقيقة لا ألوم العلمانيين على مجاهرتهم بآرائهم المعروفة سلفًا، ولكن العتب – كل العتب – على الإسلاميين المؤيدين لمطالب المرأة السياسية من عضوات الجمعيات النسائية وأعضاء البرلمان والكتاب الصحافيين، لأن صمتهم في هذه المرحلة بعد نضالهم المستميت قبلها يشكل علامة استفهام كبيرة؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
التعليقات
موضوع محير قليلا لغير القانونيين :THINK: لكن لا نقاش بانه مدعوم بقوانين دستوريه صحيحه وعرض رائع,,,,
دولة الكويت دولة اسلامية صحيح ولكن تضم مختلف الاراء والمذاهب ونجد في المنزل الواحد اختلافات فكرية عديده!! بالاضافه الى تنوع بالاحزاب والافكار الداعمه للدين والتي تفصله عن الحياة!!
وللذلك من الصعب تطبيق جميع القواعد الشرعية حاليا لاننا لانستطيع فصل العديد من المقومات التي قد تتمتع بها امرأه كونها لاتطبق شيء من الاحكام الشرعية بينما نجد انسان مطبق للاحكام لكن تنقصه العديد من المقومات الشخصية والعلمية وقدرته بان يكون في منصب اداري هام...
اتمنى منكم التوضيح لنا وعرض امثله للاحكام الشرعيةحتى استطيع ادراك المفهوم؟
أشكر مروركن الكريم وتساؤلاتكن القيمة، ولتسمحن لي بطرح إجاباتي كالتالي:
[color=red]أولاً- التعديل الجديد يتطلب التزام المرأة بأحكام الشريعة في ترشيحها وتصويتها فحسب: فهو يتطلب أن تكون ملتزمةً بتلك القواعد والضوابط في ممارستها السياسية تلك.
وبالتالي فعدم التزام المرأة - والرجل بحسب الأصل - بأحكام دينه في جوانب حياته المختلفة - مع اعتراضنا على كل مخالفة للشرع - هو أمر لا يتطلبه النص المذكور.
واشتراط الضوابط الشرعية هو أمر يتفق مع الدين الإسلامي، حيث انقسم الفقهاء الأفاضل لفريقين رئيسين بشأن الممارسة السياسية للمرأة، أولهما فريق معارض لتلك الممارسة وثانيها فريق مؤيد ولكنه يشترط وجود تلك الضوابط عند ممارسة المرأة للسياسة.
وواضح من النص أن المشرع الكويتي أخذ بالرأي الثاني، ورفض بالتالي دعوات الواجهات الليبرالية الذي طالبوا بإعطاء المرأة صلاحية التصويت والترشيح بلا ضوابط البتة! وهو ما لا ينسجم مع أي رأي شرعي ولله الحمد أنه قد تم رفض هذاالتوجه.
[color=red]ثانيًا - النظام الدستوري للكويت ينسجم مع الإسلام في كثير من جوانبه: هذا هو رأي المتواضع بناء على قراءتي ودراستي للقانون، وسبق أن طرحته عبر منتديات الكترونية في ظل عنوان استفزازي من شاكلة أن "الكويت أقرب الدول المعاصرة للإٍسلام"!
حيث أن الدستور الكويتي ينسجم مع الدين الإسلامي في أغلب جوانبه إن لم يكن كلها، وهو وإن استخدم ألفاظ "الحرية" و"العدل" و"المساواة" إلا أننا لا نشك في أصالة انتماء تلك الألفاظ للإسلام، أليس كذلك؟
كما أن الدستور عاد وصرَّح في اعتماده على الإسلام في عدة مواطن منها، أن الدولة دينٌ للدولة ومصدر رئيس للتشريع فيها م2، وأن الأسرة أساس المجتمع والدين قوام تلك الأسرة م9، بجانب ألفاظ دستورية صريحة مثل "المبايعة" عند عرض اسم ولي العهد وأمير المستقبل على مجلس الأمة.
ولعل النص الأوقع أثرًا في بيان أن تطبيق الشريعة الإسلامية كاملةً وفي جميع الأمور لا يتعارض مع الدستور هو ما قرره الدستور ذاته في تفسيره للمادة الثانية، حيث قرر أن "النص الوارد في الدستور ... إنما يحمِّل المشرع أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك، ويدعوه إلى هذا النهج دعوة صريحة واضحة، ومن ثم لا يمنع النص المذكور من الأخذ بالأحكام الشرعية كاملة وفي كل الأمور، إذا راى المشرع ذلك."!
وقد أتتا التشريعات العادية - القوانين - لتتماشى مع التوجه الدستوري في كثير من الجوانب، فالربا محرَّم في القانون المدني والخمور محظور تداولها ومحظور تقديمها على طيران الدولة الرسمي، والاختلاط بين الجنسين غير مسموحٍ به في الجامعة الرسمية والجامعات الخاصة، وترعى الدولة القصَّر وتنشئ هيئة للزكاة وترخِّص لمصارف وبنوك إسلامية، و ... الخ، وهذا بغض النظر عن "التطبيق" فأنا هنا أطرح "النظرية".
تلخيصات وتوضحيات:
1- التزام أحكام الشريعة من المرأة مطلوب وفق التعديل الجديد فقط في ترشيحها وتصويتها.
2- تحديد الأحكام المطلوب منها الالتزام بها مسؤولية جهات الإفتاء، وقد يكون من بينها ارتداء الحجاب ومنع الاختلاط بين الجنسين و ...الخ (أمثلة).
3- الدستور الكويتي والقوانين لا تتعارض مع الشرع في أغلب جوانبها.
4- استطردت في الموضوع كمقدمة للكتابة عن "القانون الكويتي والشريعة الإسلامية" مستقبلاً إن شاء الله.
5- أعتذر عن ما سببه الاستعجال والإطالة في التعقيب من زيادة اللبس وإرهاق القراء الكرام.
شكرًا لمرورك الطيب وصدقت في التأكيد على وجوب الالتزام بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية كاملة وفي كل الأمور، وهو ذات اللفظ الذي استخدمته المذكرة التفسيرية الملزمة لدستور دولة الكويت.
ولكننا في الطبع عند تعذُّر أو عرقلة الآخرين لجهود تطبيق الشريعة السمحاء كلها، فإننا لن نمتنع عن تطبيق ما نستطيع منها ... صحيح؟ حيث أن "ما لا يدرك كله، لا يترك جلُّه".
أعاننا المولى القدير سبحانه على:
تطبيق شرع الله، على خلق الله، في أرض الله ... آمين.
بخصوص ضعف اهتمام "الليبراليين" باللغة العربية فلعله جزء من موجة تغير المضمون الفكري لهم من "القومية" إلى "التغريبية"! ولله في خلقه شؤون؛ وعلى الخير نلقاك.
فكما تكرمت دين دولة الكويت هو الشريعة الاسلاميه ومنصوص عليها في دستورها بدون غموض او ابهام وايضا الشريعة مصدر من مصادر التشريع فلماذا هذه العبارة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فهل باعطاء المراة حقوقها السياسية يدخل من ضمنها امكانية تقدمها لكي تصبح وكيل نيابة ام لا ارجو افادتي
وشكرا
wwwlawclub.cc
بالنسبة لذكر الشريعة الإسلامية في ختام القانون الخاص بإعطاء المرأة حقوقها السياسية، فلتسمحن لي بمخالفتكن الرأي فالمادة غير زائدة بل لازمة، لكون الدستور قد سمح بصدور قوانين مطابقة للشريعة وأخرى منافية لها، وفي هذه الحالة أراد المشرع أن يؤكد على أن إعطاءه المرأة لحقوقها هو امتثال لرأي شرعي معتبر يبيح ذلك.
كما أن النص يلزم من يقومون بالإشراف على العملية الانتخابية مراعاة أحكام الشرع في تصويت وترشح النساء، كيف سيتم ذلك؟ فعلاً الآلية غير مبينة ويحب أن تحددها القرارات التنفيذية وفقًا للفتاوى الشرعية المعتبرة.
أما بخصوص دخول المرأة للنيابة العامة فهي مسألة مرتبطة بالشريعة الإسلامية كذلك، حيث أن جمهور العلماء على أنه ليس للمرأة تولي القضاء وفق تفصيل فقهي معين،ولكون النيابة العامة شعبة أصيلة من شعب القضاء وكونها تمثل الكادر المهيء للقضاء لاحقًا، جرى العرف على عدم دخولها والله تعالى أعلم.
مع ملاحظة أن هناك آراء فقهية تتيح للمرأة دخول بعض أنواع النيابات العامة (1) وبقية الهيئات القضائية كالفتوى والتشريع
حاليًا (2) والنيابة الإدارية المطروحة للنقاش حاليًا (3) وغيرها، ولكن الظروف الاجتماعية لها تأثير في المسألة أيضًا.
ومن المهم الإشارة إلى أن قانون إعطاء المرأة حقي التصويت والترشح لمجلس الأمة، ليس له علاقة "قانونية" بأي أمور أخرى كدخول النيابة العامة ... أكرر الشكر لمروركن وأرجو أن أكون قد أجبت على ملاحظتيكن القيمتين.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة