التعليقات
(غريب أمر هذه الحداثة التي...... وغريب أمر ثقافتنا التي.... )
لاغرابة في ذلك يا أخي في بلاد العرب أوطاني...
هذه البلبلة تعود لقصور في فهم القارئ والكاتب معاً وليس اللوم على الكاتب فقط
القارىء عليه فهم كل شيء بالاعتماد على البحث والدراسة والتفكير والجدل
وليس عليه الاعتماد على كتابات الآخر فقط..
ففي الحالة الأخيرة قطعاً سيقع في هذه الفوضى والبلبلة ولن يكون هناكَ ما يُسمَّى
النقد البنَّاء الذاتي أو الموضوعي..
وهذا ما يُسهِّل مهمة الكاتب بتمرير النصوص الحداثوية أو النقدية أو.. مايريد تمريره..
(....ليأتي دور من أعطي المقدرة علة متابعة مصادر الحداثة الأصلية والتي.....)
ليس هناكَ من يُعطي المقدرة لأحد بمتابعة هذه المصادر، إنما يتعلق الأمر
بمقدرة أي إنسان على نقل فكر الآخر أي أن صاحب اللغة المزدوجة أو الذي يتقن أكثر
من لغتيْن بإمكانه وبسهولةٍ أن ينقل ذلك.. والعلَّة فينا نحن العرب الذين من اللغة العربية
لا نتقنُ إلاَّ التنابزَ بالألقاب و...
(من يتتبع اعترافات الحداثيين الغربيين يرى أنهم يعتبرون الحداثة ثورة تفصل بين...
من هنا نجد أن الغربيين يحتفون كثيرا بتلك الحركات التي تهتم بالشكل ويعتبرونها فتحا جديدا في مسيرة الحركة الأدبية)..
أعتقد أننا أخطأنا في فهم الحداثة الغربية على أنها أبنيةٌ وتشكيلاتٌ لغوية فقط ..
فالحداثةُ تحملُ دلالات عميقة تعتمد اسساً ومبادىءَ عقلية فلسفية..
الثورة الفرنسية لم تكن لتندلع إلاَّ بموجب أفكار روسو ومن خلال النثر..
فالسعادة الانسانية برأيه تتحقق بتذليل التفاوت الاجتماعي ــ العقد الاجتماعي ـ
الفساد السياسي والديني في عهد لويس الخامس عشر لم يكن ليُعرَف لولا الرسائل الفارسية لمونتسكيو..
قيمة الفن والأدب في مواجهة العبودية لم يكن ليُعرَف لولا دراسات ونصوص أندريه مالرو وغيره..
بنية العالم لم تكن لتُفَهم لولا ديمقريطس وطرحه الذرات المتحركة التي لاتقبل التجزئة..
علاقة الانسان بالوجود ... الروح.. العدم... إلخ.... لم نكن لنفهم ذلك لولا سارتر وديكارت وسقراط وأفلاطون.. وغيرهم..
أعتقد نهايةً أن الغربيون يحتفون بكل جديد يحملُ مضموناً فكرياً بينما نحن العرب نحتفي بالشكل دون المضمون لهذا بقيَ
الأدب العربي موزونٌ ومقَفَّى.. بل لهذا تسيرُ حياتنا برمَّتِها وفقَ شعاراتٍ موزونةٍ ومُقفَّاة..
(.... هذا هو الإطار الذي يمكننا من خلاله النظر إلى الحداثة ضمن ظروفها الحضارية المتجذرة في التربة الوثنية الإغريقية التي تتمرد على الإله في تراثها وترى فيه عائقا يحد من انطلاقة الإنسان وتفترض صراعا بينه وبين الإله لا يمكن أن يتخلص الإنسان من أحابيله مواصلا مسيرته إلا إذا فك قيوده وأعلن موت الإله.)..
أخي الكريم.. ليس إلاَّ دفاعاً عن الحق أو الحقيقة أقول لك... إن التربة الاغريقية لم تتمرَّد على الاله إنما على الجهل والتخلف والأسطورة وسيطرة الطبيعة
ذلك المجهول ..
الاله هو الذي يحكم أو يسيطر على البشر .. يسحقهم بقوانينه وأنظمته.. الاله هو الذي يكرِّس الجهل والتخلف لأن ذلك يعني خلوده ..
قطعاً أنتَ تعلم أن فلسفة سقراط التي قامت على العقل ( الفكر النقدي) لا على إرادة الاله أو الألهة قد تعرَّضتْ للنقد من قبل تلك الآلهة ..
لأن النقد سلاح يهدد وجودها أو خلودها..
وأعتقد أنكَ تذكر ماقاله المعري فيما يخص فكرة موت الاله
عجبتُ لكسرى وأشياعه
وغسل الوجوه ببوْل البقر
وقول اليهود إلهٌ يحبُّ
رشَّاشَ الدماءِ وربح القتر،
وقول النصارى إلهٌ يضام
ويُظلمُ حيَّاً ولا يُنتَصَر،
وقومٌ أتوا من أقاصي البلاد
لرمي الجمار ولثم الحجر،
فوا عجباً من مقالاتهم
أيعمى عن الحقِّ كل البشر..
أين حضارتهم من حضارتنا التي تضع الإنسان خليفة لله في أرضه !
وهل تعتقد أننا ( عرباً وخاصةً مسلمين) نطبِّق مبدأ أن نكون إلهاً على الأرض؟...
لو كان ذلك صحيحاً لما حلَّ بنا كل هذا الدمار..
(....من هنا بدت حيرة النقاد العرب وهم يقفون أمام مسارين لا ثالث لهما...)
بل يجب أن يكون هناك ذلك المسار الثالث الذي يعتمد على التراث والحداثة الغربية ، تماماً كما كان في العهود القديمة..
ولن أطيلَ عليك .. راجع كتاب ( شمس العرب تشرق على الغرب ) للمستشرقة الألمانية زيغرد هونكه
وكتاب ضحى الاسلام للكاتب أحمد أمين.. وسترى بأن المسار الثالث كان واقعاً لهذا نهضت أمة الاسلام وقتئذٍ..
ومودتي
الأديبة نضال نجار
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة