قضاء القرب بالمغرب وتعزيزالحكامة القضائية
- التفاصيل
- مقالات
- قانون
- في: الأحد، 03 أيار 2015 18:24
- محمد البكوري
- القراءات: 11311
لقد شملت سياسة القرب مختلف مناحي التدبير العمومي، وهي بمثابة أجرأة حقيقية للمفهوم الجديد للسلطة المنبثق ببلادنا مع إشراقات العهد الجديد، و الذي تطلب تكريسه وتفعيله إدخال جملة من الإصلاحات على نظام العمل الإداري، و بالتالي توفير مجموعة من الشروط الضرورية لتجديد أسلوب تدبير الشأن العام،كل ذلك كان لزوما أن يتم وفق منظور تحولي ومندمج؛ نظرا لتعقد العمل الإداري و ارتباطه بمجموعة من المعطيات العامة السياسية، والإدارية و الثقافية... (1) إنه إذا كان تدبير الشأن العام اتسم أثناء المرحلة الماضية بالعشوائية؛ فالأمل ظل معقودا على المفهوم الجديد للسلطة، الذي تزامن الإعلان عنه مع انطلاقة إرادة قوية عازمة على تغيير جل المفاهيم التي كانت سائدة و حان الوقت لمراجعتها و التخلي عنها بصفة نهائية" (2).هكذا جاء المفهوم الجديد للسلطة كقطيعة مع ممارسات سلطوية غير لائقة لما أصبح يعرفه المغرب من تحولات ديمقراطية وسياسية و اجتماعية ...قائمة على أسس الحوار والتوافق و المواطنة و تخليق الحياة العامة وتسييد ثقافة حقوق الإنسان...و هي التحولات التي فرضت تبني مقاربات جديدة في التعامل مع المواطن المغربي على شتى الأصعدة، وهي المقاربات التي يظل قوامها الأساسي الانطلاق من مرجعيات المفهوم الجديد للسلطة كمفهوم مرجعي مؤسس لسياسة القرب التي حاولت أن تشمل مختلف مناحي التدبير العمومي؛ ومنها أساسا الإداري والاجتماعي والأمني و القضائي. فقضائيا وبالنظر إلى أن التصورالملكي يرى أن "الحكامة الجيدة لن تستقيم إلا بالإصلاح العميق للقضاء" (3) ؛حيث "الأهداف المنشودة هي توطيد الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف، باعتباره حصنا مانعا لدولة الحق، وعماد الأمن القضائي، والحكامة الجيدة، ومحفزا للتنمية، وكذا تأهيله ليواكب التحولات الوطنية والدولية ، ويستجيب لمتطلبات عدالة القرن الحادي والعشرين؛" (4) فإن تبني سياسة للقرب القضائي أضحت مطلبا ملحا في ظل هذا الإصلاح وفي ظل المفهوم الجديد للعدالة والذي أسست له المرجعية الملكية سنة 2010، وفي هذا الصدد يشير الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لشهر أكتوبر2010 إلى أنه "على غرار مبادرتنا للمفهوم الجديد للسلطة، الهادف لحسن تدبير الشأن العام؛ فقد قررنا أن نؤسس لمفهوم جديد لإصلاح العدالة، ألا وهو "القضاء في خدمة المواطن" وإننا نتوخى من جعل "القضاء في خدمة المواطن" قيام عدالة متميزة بقربها من المتقاضين، وببساطة مساطرها وسرعتها ونزاهة أحكامها وحداثة هياكلها وكفاءة وتجرد قضاتها وتحفيزها للتنمية والتزامها بسيادة القانون في إحقاق الحقوق ورفع المظالم". (5) إن الالتزام وعلى أعلى مستوى في الدولة بإصلاح المنظومة القضائية، عبر ترسيخ "المفهوم الجديد للعدالة،" بجعلها أكثر قربا وخدمة للمواطن، أي أن القيام "بالإصلاح الجوهري للقضاء" يدخل في إطار المحافظة على المكاسب الهامة في الحكامة المؤسساتية التي ما فتئت المؤسسة الملكية تحرص على الارتقاء بها والرفع من أجرأتها كإحدى "المقومات الأساسية للإصلاح المؤسسي العميق المنشود" (6) كالجهوية المتقدمة واللاتمركز الواسع. كل ذلك في سبيل "توطيد الدولة القوية بسيادة القانون والديمقراطية التشاركية وترسيخ حقوق الإنسان في أبعادها الشمولية، وجعل الإنسان في صلب التنمية
." (7)